ترجمة ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى الحمد لله حمد كثيرا طيبا مباركا والصلاة والسلام على خير البشر وعلى اله واصحابه الاجمعين وعلى من اتبع الهدى.اما بعد هو الامام العالم الفقيه الاصولي المفسر النحوي العارف بالله ورجل الرجال في كل سبيل.الامام العلامة المتبحر محمد بن ابي بكر بن ايوب بن سعد بن حريز الزرعي ثم الدمشقي ولد في السابع من صفر سنة احدى وتسعين وستمئة في اهل بيت علم وتقوى. وكان والده مشرفا على الجوزية وهي المدرسة التي بناها محي الدين ابن الحافظ يحيى بن الجوزي بسوق القمح بدمشق وقد فرغ من بنائها ثم تحولت الى محكمة ثم أقفلت حيث فتحتها بعد ذلك جمعية الاسعاف الخيري وجعلت منها مدرسة لتعليم الاطفال حيث احترقت بعد ذلك ابان الثورة السورية وقد أعمرت حوانيت وجعل فوقها مسجدا مازال عامرا الى الان. اراء العلماء فيه. قال ابن رجب رحمه الله تعالى لازم الشيخ تقي الدين بن تيمية واخذ عنه وتفنن في كافة علوم الاسلام وكان عارفا في التفسير لايجارى فيه وبأصول الدين وايه المنتهى. وبالحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الاستنباط منه لايلحق في ذلك. وبالفقه وبأصول العربية وله فيها اليد الطولى وبعلم الكلام والتصوف. حبس مدة لانكاره جد الرحيل الى قبر الخليل وكان ذا عبادة وتهجد وطول الصلاة الى الغاية القصوى ولم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرأن والحديث وحقائق الايمان وليس هو بالمعصوم ولكن لم أر في معناه مثله... وقال القاضي برهان الدين الزرعي رحمه الله تعالى وما تحت اديم السماء اوسع علما منه ودرس بالصدرية وأم بالجوزية وكتب بخطه ما لايوصف كثرة وصنف تصانيف كثيرة جدا في انواع العلوم وحصل له من الكتب ما لم يحصل لغبره.وقال تلميذه الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى برع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير والحديث والاصلين ولما عاد الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في سنة اثنتي عشرة وسبعمئة لازمه الى ان مات الشيخ فأخذ علما جما مع ما سلف له من الاشتغال فصار فريدا في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلا ونهارا وكثرة الابتهال وكان حسن القراءة والخلق وكثير التودد لا يحسد احد ولايؤذيه ولا يستعيبه ولايحقد على احد وكنت من أصحب الناس له واحب الناس اليه ولاأعرف في هذا العالم في زماننا اكثر عبادة منه وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ويمد ركوعها وسجودها ويلومه كثير من أصحابه في بعض الاحيان فلا يرجع ولا ينزع من ذلك رحمه الله وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير وكتب بخطه الحسن شيئا كثيرا رحمه الله تعالى واقتنى من الكتب ما لايتهيأ لغيره تحصيل عشره من كتب السلف والخلف.وبالجملة كان قليل النظير في مجموعه واحوله والغالب على الخير والاخلاق الصالحة.سامحه الله ورحمه وقد كان متصديا للافتاء بمسألة الطلاق التي اختارها الشيخ تقي الدين بن تيمية.وجرت بسببها فصول يطول بسطها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي وغيره. وقد كانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى شهدها القضاة والاعيان الصالحون من الخاصة والعامة وتزاحم الناس على حمل نعشه وكمل له من العمر ستون رحمه الله. قال الشيخ جمال الدين نغري بردي رحمه الله تعالى توفي الشيخ الامام العلامة شمس الدين محمد بن ابي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قيم الجوزية بدمشق في ثالت عشر شهر رجب ومولده سنة احدى وتسعين وستمئة وكان بارعا في عدة علوم ما بين تفسير وفقه عربية ونحو وحديث وأصول وفروع. قال في (شذرات الذهب)بل هو المجتهد المطلق. مشايخه. سمع ابن القيم رحمه الله من ابيه وأخذ عنه علم الفرائض وبرع فيه. واخذ الحديث من الشهاب النابلسي العابر والقاضي تقي الدين بن سليمان واسماعيل بن مكتوم وعيسى المطعم وابي بكر بن عبد الدائم وفاطمة بنت جوهر وغيرهم من اهل العلم والفضل. واخذ العربية من ابي الفتح البعلي والشيخ مجد الدين التونسي. اما الفقه والاصول فقد اخذها عن الشيخ صفي الدين الهندي وشيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية والشيخ الفاضل اسماعيل بن محمد الحراني ومن شيوخه ايضا القاضي الشيرازي وابن مكتوم وعلاء الدين الكندي ومحمد بن ابي الفتح وايوب بن الكمال والقاضي بدر الدين بن جماعة وابو الفتح البعلبكي رحمهم الله تعالى رحمة واسعة واسكنهم فردوسه الاعلى. تلاميذه. تتلمذ على يديه رحمه الله الجم الغفير من العلماء الافاضل فقد درس بالمدرسة الصدرية وام بالجوزية مدة طويلة ومن أبرز المنتفعين بعلمه. زين الدين ابو الفرج عبد الرحمن بن احمد بن رجب البغدادي الدمشقي الحنبلي صاحب التصانيف المشهورة رحمه الله تعالى.وعماد الدين اسماعيل بن عمر بن كثير البصروي الدمشقي الحافظ الامام الورع صاحب التفسير والتصانيف الكثيرة المشهورة. الحافظ شمس الدين عبد الله بن محمد بن احمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الصالحي ألف وصنف وتصدى للافتاء رحمه الله تعالى. وشمس الدين ابو عبد الله محمد بن عبد القادر بن يحيى الدين عثمان بن عبد الرحمن النابلسي رحمه الله تعالى. وولداه ابراهيم ومشرف الدين عبد الله رحمهم الله تعالى. ابن القيم...وشيخه الامام المجدد ابن تيمية لقد لازم ابن القيم شيخه ابن تيمية وسجن معه وجاهد معه ولم يفارقه الى ان انتقل الى رحمة ربه تعالى... فأخذ عنه العديد من ارائه والكثير من أفكاره واقتدى به في مذهبه الحر وهو مذهب اهل الحديث ونقم مثله على الجمود والتعصب المذهبي. لقد استوعب ابن القيم رحمه الله تعالى تراث شيخه اعظم استيعاب وانتفع ونفع به فجزاهما الله عن العباد والبلاد خير الجزاء. ولقد عانى ابن القيم رحمه الله تعالى من جراء اخذه بفكر شيخه الشيء الكثير من اضطهاد وتعذيب... وسجن... وغير ذلك من صنوف الهجر والحرمان وبقي متمسكا بمواقفة المشرفة حتى وافته المنية ليلة الخميس في الثالث والعشرين من شهر رجب سنة( 771) رحمه الله رحمة واسعة وحشرنا واياه في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا اللهم امين.